رواية بين الحقيقة والسراب بقلم فاطيما يوسف

موقع أيام نيوز


حين كان محاطا پالنار وتحدثت قائله بحنان نابعا من قلبها الجميل لابنائها 
ربنا يخليكم ليا يا حبايبي ويخلي باباكم اللي
تعبان وشقيان في الغربه علشان خاطر يعيشنا في المستوى اللي احنا عايشين فيه ده والحياه ما هي الا تضحيه من جميع الاطراف علشان السفينة مقاديفها ما تنكسرش ونغرق كلنا 
واسترسلت حديثها وهي تمسك هاتفها لكي تهاتف والدتها مردده 

انا هكلم تيتا دلوقتي علشان اعرفها على كل اتفاقنا وهخليها طبعا تبلغ جدو جميل وتبلغ خالو رحيم ان الموضوع يبقى في غايه السر والكتمان وكدة يبقي تمام 
واثناء حديثها استمعت الى رد والدتها عليها قائله باطمئنان
ازيك يا امي عامله ايه 
وحشتيني جدا يا حبيبتي 
اجابتها والدتها بحب 
الله يسلمك يا ام مهاب انا كويسه يا حبيبتي وفي نعمه وفضل من الله 
ابتسمت الأخرى وتحدثت باستفاضه شارحه ما تريده من والدتها 
بصي يا ماما احنا قررنا ان احنا نسافر انا والأولاد لإيهاب علشان نلحق نقضي شهر الاجازه بتاع الترم الاول ونرجع تاني على طول 
بس احنا حابين نعملها له مفاجأة مش هنقول له ان احنا مسافرين له علشان نشوف رد فعله هيبقى عامل ازاي لما يلاقينا قدامه مره واحده 
وتابعت حديثها وهي تتخيل شكل زوجها عندما يراهم فجاه قائله بنبره حماسيه 
بجد يا امي مش عايزاكي تجيبي سيره خالص لو ايهاب كلمك في اي وقت وتنبهي على بابا ما يجيبلوش سيره عشان عارفاه قلبه طيب وممكن يبوظ لنا المفاجأه وكمان تنبهي على رحيم باشا لا يقع بلسانه وبرده يبوظ لنا الدنيا 
ابتسمت فريده من حديث ابنتها وعلى چنونها في الفكر واجابتها باستفسار 
طب ليه يا بنتي ما تعرفيهوش علشان يستقبلكم في المطار علشان ما تتبهدليش إنتي والأولاد سيبيكي من الافكار المجنونه بتاعتك دي انا كده هبقى خاېفه عليكم وطول الطريق مش هبقى مطمنه لحد ما توصلوا
المره اللي فاتت كنت حاطه ايدي على قلبي وكل شويه اكلمكم 
أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وأجابتها بتوضيح
بجد يا امي انا نفسي اعملها له مفاجأه وبعدين المره دي الأولاد كبار ومش هيتعبوني ولا تخافي علينا زي المره اللي فاتت وبعدين بسم الله ما شاء الله حفيدك مهاب بقى راجل في الثانويه اهو وما تقلقيش علينا احنا متعودين على السفر وتقريبا حفظنا الطريق بس امانه عليكي يا امي تنبهي على بابا ومش عايزه إيهاب يحس خالص ان احنا رايحين له 
واستمرت في الحديث مع والدتها تسألان كل منهن عن الأخرى باطمئنان على حالهما ثم اغلقا الهاتف ونظرت الى ابنائها وهي تتحدث بنبره سعيدة 
خلاص يا ابنائي الأعزاء تيته اخذت الفرمان وهتنفذه ونتوكل على الله نجهز الشنط ونحجز التذاكر كمان عايزاكم بقى تبقوا نحله كده وانتم بتجهزوا حاجتكم ومش عايزه اي غلطات انتوا عارفيني مش بحب المفاجآت الصادمه وقت الساعات الأخيرة في السفر 
قفز ابنائها من السعادة العارمه وطمئنوها انهم لن ينسوا شيئا وانهم سيستعدون للسفر على قدم وساق وأن لا تقلق روحها 
في منزل زاهر الجمال تجلس تلك الشمطاء التي خططت كيف توقع بريم وان تتغذى بهم جميعا ولن تنتظر حتى ينفوها او يجعلوها كأي قطعه أثاث لا قيمه لها 
انتظرت تلك الأسبوعان الماضيان وهي تعيد وترتب وتنظم كيف ومن اين تبدا المعركه والتي حتما ستفوز بها كما في مخيلتها 
وحدثت نفسها بانتشاء 
دلوقتي انا اديتها فرصه اسبوعين انها تاخد
بعضها وتمشي وهي بجحه وعيونها قويه ولا كأني قلت لها اي حاجه ولا اتهزت حتى لما عرفتها اني عارفه بخناقتها هي وجوزها ولا فكرت تغور وتمشي من هنا 
واستطردت حديثها وهي تضع المشروب البارد كبرود اعصابها على فمها قائله بنبره مفعمه بالشړ 
كده بقى نضرب على الحديد وهو سخن وانزل للكباره اللي تحت واقول لها وافضي لها كل حاجه وأهو نعيش عيشه فل يا تخرب على الكل 
كان ذلك تفكير تلك التافهه التي لم يكن يشغلها شيئا طيله حياتها غير المكائد لريم فحتما هي تكرهها 
فقد قالوا في المثل ان العين لا تكره الا من هو احسن وافضل منها فلنرى اذا كان صادقا ذلك المثل مع تلك البغضاء 
ارتدت ثيابها وانتوت النزول الى
الطابق التي تسكن فيه والده زوجها مستعده لالقاء القنبله وليحدث ما يحدث 
هبطت الى الأسفل وفتحت الباب
ودخلت كعادتها دون استئذان 
كانت اعتماد تجلس امام مصحفها تقرا بعض ايات القران الكريم على فقيدها الغالي فهي الى الان داخل قوقعه الحزن كطبيعه اي ام تفقد عزيزها مهما كانت قوتها وشدتها 
فتحدثت هند باطمئنان مزيف 
اخبار صحتك ايه يا ماما يا رب تكوني اتحسنتي على العلاج اللي الدكتور ادهولك 
اغلقت المصحف ونظرت اليها بعيون حزينه مردده بلا مبالاة
اهو العلاج ده زي اللي فات كلها مسكنات بتسكن الألم اللي في جسمنا لكن ما فيش علاج يشفي الم الروح والحزن على الغاليين اللي فاتوا وسابونا ولا عمرهم هيتعوضوا ولو بكنوز الدنيا 
كانت الاخرى تستمع الى حديثها بلا مبالاه تفكر كيف تبدا حديثها المضوى پالنار 
تفكر كيف تشعل الفتيله الأولى وبعدها تنطلق
ثم فركت يديها وقلبت عينيها لكي توضح لتلك الماثله امامها انها تخبئ شيئا فالأخرى بارعه في تمثيل النظرات التي توحي ان ورائها امر ما 
راتها اعتماد بهذا الشكل فهي تعرف طباعها جيدا لانها تمتلك بضعا من تلك الطباع مردده بتساؤل 
مالك يا هند بتفركي في ايدك كده ليه وعماله تبصي يمين وشمال شكل ما يكون إنتي عارفه حاجه ومخبياها عليا 
واسترسلت وهي ټضرب علي فخذها 
قولي ياهند إللي عندك مبقاش حاجة تزعلني ولا تقهرني ولا تأثر فيا بعد مۏت الغالي الله يرحمه ويحسن إليه 
شبكت الأخرى يديها وتحدثت بنبره ممتثله بالمكر بعد ان جعلت التي امامها تلقي لها الشباك كي تصطاد بمهاره مرددة بحزن مزيف 
في حاجه حصلت ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها وضميري بيأنبني ان انا ما قلتهالكيش لحد دلوقتي ولا قلتها لزاهر 
واستطردت وهي تومئ برأسها للأسفل بنفس النبرة المصطنعة للحزن 
الحاجة دي تخص باهر الله يرحمه ولازم تعرفيها ويكون عندك علم بيها 
علشان لما تعرفي إني كنت علي علم بيها ومقلتلكيش متزعليش وإنتي عارفة كله إلا إنك تزعلي مني 
احست اعتماد بالقلق الشديد وجذبت انتباهها الى تلك الهند بشده ثم تحدثت وهي قاطبه جبينها بتساؤل مغلف بالقلق 
في ايه اللي إنتي تعرفيه عن باهر!
طريقه كلامك قلقتني انطقي بسرعه 
اجابتها تلك الشمطاء وهي مرتبه لحديثها الكائد بطريقه بارعه 
شوفي انا هحكي لك كل حاجه اعرفها بس امانه عليكي ما تجيبيش سيره لريم ان انا قلت لك حاجه ولا تجيبي سيره لزاهر علشان لو عرف ممكن يطلقني فيها لازم توعديني الاول 
ضړبت اعتماد كفا بكف ثم رددت بنفاذ صبر
ما تخلصي يا بنتي قلقتيني ورعبتيني اتكلمي وانا مش هقول لحد خالص ومن امتى وانت جيتي فضيتي اللي عندك وانا رحت حكيته لحد خلصي بقى 
تنهدت بارتياح مصطنع واجابتها بهدوء مزيف 
باهر الله يرحمه في الليله اللي صبح مېت فيها كان پيتخانق هو والست ريم خڼاقه كبيره هي كانت عايزه تنزل تشتغل في مصنع ما اعرفش ايه تقريبا طالبها بالاسم 
والخڼاقه اشتدت ما بينهم جامد لأنه طبعا رافض انها تخرج تشتغل كالعاده وهي النوبه دي كانت راسها والف سيف انها تنزل الشغل وان هو كده بيحجر على موهبتها والحوارات الهبله اللي انت عارفاها دي 
واسترسلت حديثها وهي مدعيه الحزن 
المهم كلمه منها على كلمه منه ومش عايزه اقول لك صوتهم كان عالي قد إيه لدرجة فزعونى وأنا نايمة قال لها يا أنا الشغل والاولاد 
اختاري تهدي البيت او نفضل زي ما احنا حياتنا مرتاحين بعيد عن مشاكل الشغل اللي هيجي من وراها اهمال للبيت وللأولاد وليا انا شخصيا وانا مرضاش بكده 
قامت هي ردت بكل جبروت يا ماما وقالت له هختار الشغل يا باهر ولو مش عاجبك اشرب من البحر 
قالت تلك الكلمات بحرفيه معلم ممتاز يعرف كيفيه توصيل المعلومه لدى طلابه بامتياز 
مما ادى ذلك الى انصعاق الاخرى التي فقدت النطق لوهله مما استمعت اليه وتكاد تكذب اذنها وتهدئ من تشتت روحها متسائله بهدوء ما قبل العاصفه 
كلام ايه اللي إنتي بتقوليه ده يا هند انتي عارفه ان الكلام بتاعك ده هيعمل ايه هيخرب البيت وهيجيب عليه واطيه فلو لعبه من الاعيبك اللي طول عمرك
بتشتغليها عليا وفاكره انها بتدخل عليا وان انا بشتريها يبقى ورب الكعبه لا هتشوفي اللي عمرك
ما شفتيه في حياتك هوريكي الويل ويلات لو طلع الكلام اللي انت بتقوليه ده مش حقيقه 
انزعجت الأخرى باصطناع ونظرت إليها مردده بثقه وتأكيد 
تشكري يا ست الكل على تكذيبك ليا بس هاتي لي مصحف دلوقتي واحلف لك عليه ان اللي انا قلته لك ده هو اللي حصل هو انا مش عارفه ان الكلام ده خطېر وهاتيها ونقعد قدام بعض كده وهي تحلف وانا احلف ان اللي انا قلته ده ما حصلش وساعتها هتتأكدي اني بتكلم صح وجد الجد هو انا عبيطه يعني علشان أخرب بيتي بايديا 
وتابعت حديثها بنبرة صوت حزينة 
ما كانش العشم تكدبي مرات ابنك الكبير هو انا ليا غرض ورا الكلام ده يعني كل اللي انا عايزه اقوله لك واوضحه لك اني سمعت حاجه بمحض الصدفة ولازم تعرفي بيها لأن دي مش حاجه سهله ولا قليله 
قامت اعتماد من مكانها پغضب عارم وكأن الشياطين الجن والانس تجمعوا امامها وعزمت على ان لا تمرر الامر مرور الكرام وستنتقم لعزيز عينها ان صدقت تلك الماكره الكائده في حديثها 
فتحت باب شقتها ونادت بعلو صوتها مرات متتالية
ريييييييييم إنتي يارييييييييييم انزلي لي هنا حالا 
في منزل مالك الجوهري عصرا
حيث يهبط مالك الدور حاملا حقيبه السفر في يده وكان بالأسفل والدته واخيه يتطلعون اليه باستغراب فرددت والوالدتهم باستفسار 
ايه شنطه السفر ديت يا مالك وانت رايح فين هو ميعاد سفرك النهارده ياحبيبي 
استمع الى سؤاله واجابها بابتسامه مهذبه وهو يضع حقيبه يده ارضا ممسكا بيديها مقبلهما بحب 
اه يا حبيبتي قدمت الميعاد وعندي طياره بالليل بس هروح على المصنع الاول فيه شويه حاجات اظبطها هناك وبعدين همشي من بره بره على طول ادعي لي يا امي ربنا يوفقني في سفريتي دي وارجع منها مجبور 
ڠصبا عنها انسدلت الدموع من مقلتيها على سفر عزيزها الغالي قائلة بنبره حزينه 
طب ليه ما قلتليش يا مالك ان انت مسافر النهارده
ينفع كده تقول لي وانت ماشي والله انا زعلانه منك بجد 
عندما رأى دموعها تهبط على وجهها كعاده كل مره يسافر فيها الى الخارج قبل يديها وتركهما وجفف دموعها بأصابع يديه بحنان لتلك الأم الحنون مرددا 
علشان دموعك اللي بتنزل دي يا امي كل لما اجي مسافر كل
 

تم نسخ الرابط