رواية بقلم دعاء عبد الرحمن
المحتويات
ممكن توصلنا الكلية وهنيالك يا فاعل الخير والثواب
لم تعد مريم تحتمل رؤيته أكثر من هذا أشاحت بوجهها بعيدا وهو يقول لأخته معلش يا فرحة خلى إيهاب يوصلكوا
فرحة ايهاب مش هنا وهيتأخر النهاردة واحنا كنا هناخد تاكسي بس ربنا بعتك لينا يرضيك نروح ندور على تاكسى انا ومراتك وانت موجود
نظر يوسف لمريم ولكنه تفاجأ بشكلها الجديد ملابسها مختلفة كثيرا فضفاضة ومحتشمة نظر إلى وجهها الحجاب طويل يغطى صدرها لم تصبغ وجهها بأى ألوان ظل ينظر إليها حتى قاطعته فرحة قائلة بمشاغبة
أنتبهت مريم أنه ينظر إليها بتمعن فقالت لفرحة انا هستناكى عند باب الجنينة بره
تابعها يوسف بعينيه حتى وصلت لباب الحديقة فأدارت فرحة وجهه بيدها قائلة ياعم انت هنتأخر تعالى وصلنا وابقى بحلق براحتك في السكة بس اوعى تعمل بينا حاډثة
أضطرت مريم أن تركب بجواره وفرحة في الخلف وطوال الطريق تتحدث في الهاتف مع صديقتها المقربة كعادتها دائما أخرجت مريم مصحف صغير من حقيبتها وظلت تقرأ فيه طوال الطريق كان ېختلس النظر إليها من حين لآخر وهو لا يصدق ما يرى تردد قليلا ثم قال
لم تسمعه فرحة وهي تتحدث إلى صديقتها في الهاتف فأعاد السؤال مرة
أخرى وهو ينظر لمريم فقالت ببرود
عندى تدريب صيفى
وجد نفسه يقول هتخلصى أمتى
قالت بصوت أشبه للهمس من بين أسنانها ملكش دعوة
بعد أن انتهت فرحة وأغلقت الهاتف قال يوسف على الفور هتخلصوا أمتى يا فرحة علشان آجى اخدكم
ثم نظرت إلى مريم متسائلة وانت يا مريم هتخلصى أمتى
تصنعت مريم أبتسامة وهي تقول لا متشغلوش بالكوا أنا لما هخلص هروح
قال يوسف خلصى براحتك بس قوليلى على أمتى علشان آجى اخدك
صمتت بضيق من محاصرته فكررت فرحة سؤاله قائلة ها يا مريم هتخلصى أمتى
قالت بضجر يعنى على الساعة 2 أو 3 مش عارفة بالظبط
خرج وليد من مكتبه واقترب من مكتب علا التي لا تعيره اهتماما رسم ابتسامة على شفاه قائلا
أنا هروح اتغدى تحبى تيجى معايا
هزت رأسها نفيا قائلة بجدية متشكرة يا أستاذ وليد وبعدين لسه معاد الراحة فاضل عليه نص ساعة
أتكأ على المكتب قائلا ياستى انا صاحب الشغل ولا يهمك وبعدين انا عاوزك في موضوع مهم ومش هينفع هنا
أعتدل وهو يتفحصها ببرود وعقد ذراعيه أمام صدره قائلا أنت بتعاملينى ناشف كده ليه
جلست وهي تتابع عملها أصل حضرتك متصور انى علشان بشتغل عندك يبقى سهل تاخدنى أى مكان بره الشغل لا يافندم انا مش كده وأظن حضرتك تعرف أن ابن عمك كان خاطب اختى يعنى لو كانت أخلاقنا عليها غبار مكنش فكر يرتبط بيها من الأول
أخرج وليد علبة من القطيفة من جيبه ورسم على وجهه علامات الحزن قائلا أنت فهمتينى غلط على فكرة أنا بس كنت عاوزك علشان اقدملك دى
وفتحها وأدارها إليها ألقت عليها نظرة سريعة كانت تحوى خاتما ذهبيا مرصعا بفصوص للامعة براقة أعادت نظرها إليه ببرود وقالت
ايه دى
وليد دى هدية بسيطة
بمناسبة ايه
قال مغازلا بمناسبة جمالك
تصنعت الإنفعال وهي تقول حضرتك ليه مصمم تضايقنى قلت لحضرتك انى ماليش في الحاجات دى انت ليه مبتقدرش تفرق بين البنات وبعضها
وأخذت حقيبتها وهي تتصنع البكاء وهرولت سريعا من أمامه وهي تخفى ابتسامة خبيثة بداخلها لم تتجاوز عقلها!
شعر بحيرة شديدة من تصرفاتها معه فهو لم يعتاد على ذلك من أى فتاة أخرى هاتف صديقا له وواعده على الغذاء والتقى به في أحدى المطاعم القريبة من الشركة
ايه يا عم مختفى فين بقالى مدة مش شايفك على الشاشة يعنى
زفر وليد قائلا بحنق أسكت يا معتز في بت مطلعة عينى
قال معتز باندهاش أيه ده بقى وليد باشا مش قادر على حتة بت لا قول كلام غير ده مين البت دى
زفر وليد ثانية بضيق قائلا بتشتغل معايا في مكتبى في السكرتارية بس رخمة رخامة يا أخى حتى الابتسامة في وشى بطلوع الروح أقولها نرفع الألقاب تقولى مينفعش أعزمها على غدا مترضاش وتقولى أنا مش بتاعة الكلام ده أجيبلها هدية تديهوملى في جنابى وتسيبنى وتمشى لما خنقتنى
ضحك معتز ضحكات عابثة قائلا لا ده انت حالتك صعبة أوى قولى هي حلوة تستاهل يعنى
قال وليد بضجر وانا هعمل أيه بحلاوتها وهي منشفة ريقى كده لا وقال أيه تقولى أنا ماليش غير في الجد
ضړب معتز جبينه قائلا بفهم اوباااا بس يا باشا انا كده فهمت البت دى رسمة على جواز
قال وليد بسخرية جواز مين يابا هو انا بتاع جواز ما انت عارفنى كويس انا بس
مش متعود ان واحدة تنفضلى كده
أرتشف معتز من القهوة الموضوعة أمامه وقال ببساطة طب انا بقى عندى فكرة تخليك تاخد راحتك معاها على الآخر
قال وليد ساخرا منكم نستفيد
بص يا باشا البت اللى تلاقيها معصلجة معاك وماشية في طريق الجواز أخطبها
وليد باستهزاء لا والله وده من ايه
أسمع بس لما اكمل كلامى الحكاية دى ناس اصحابى جربوها كتير قبل كده الواحد منهم يخطب البت اللى منشفة راسها معاه يروح ويتقدم بقلب جامد ويعمل خطوبة ويقدم شبكة متوسطة كده ويقعد سنة بقى داخل خارج معاها عزومات وسهر وسينما والذي منه ولما تحبك معاه أوى ياخدها تتفرج على شقة المستقبل وهي بتتوضب اه طبعا يعنى تعيش في شقة من غير ما تقول رأيها فيها
لمعت عينى وليد وهو يقول يابنى اللعيبة شقة المستقبل ازاى مخطرتش على بالى الفكرة دى قبل كده
صمت لثوان في تفكير ثم قال بس يابنى ده كده ممكن يتدبس فيها ويضطر يتجوزها
قال معتز بسخرية لا ماهو اللى يعمل كده لازم ياخد باله انه ميدبس نفسه يعنى ياخد راحته من غير ما يدخل في الغريق علشان في الآخر لما يزهق يقولها معلش يا حبيبتى احنا شكلنا كده متفقناش ومش قادرين نفهم بعض كل شىء نصيب بتمنالك حياة سعيدة
طب ماهى البت ممكن تروح تقول لأهلها
قال معتز بزهو وهو يرى اللمعة في عينيى صديقه هتقولهم أيه كنت بروح معاه شقة بيقول اننا هنتجوز فيها! وحتى لو عملت كده هيقولهم محصلش دى كدابة واكشفوا عليها هتلاقوها صاغ سليم واهو اتبسط وعمل كل حاجة بالدبلة اللى لبسهالها وفي الآخر طلع منها زى الشعرة من العجين ولا حد يقدر يقوله تلت التلاتة كام
قال وليد بمكر يابن الأيه ده انت حلتهالى على الآخر ده على كده الدبلة دى بتحل مشاكل كتير وبتقرب البعيد
خرجت سلمى من الكلية ووقفت تبحث عن سيارتها بين السيارات فرأت فتاة تشبه مريم اقتربت منها ثم قالت بدهشة
أيه ده مريم
ألتفتت لها مريم وقالت ببرود أهلا يا سلمى
أقتربت سلمى أكثر منها وهي تنظر لملابسها قائلة أيه اللى لابساه ده من أمتى يعنى
ثم قالت بسخرية أيه هو يوسف غصبك تلبسى كده من أولها كده هيتحكم فيكى
نظرت لها مريم بحنق قائلة لا يا سلمى انا اللى غيرت لبسى علشان أبقى محجبة زى ما ربنا عايز مش زى ما الموضة عاوزه
صفقت سلمى ببطء وهي تقول برافوو أيه ده ياربى واقفة قدام ايمان بذات نفسها
نظرت لها مريم بضيق وهمت بالإنصراف تاركة لها المكان ولكن سلمى قبضت على ذراعها وتصنعت التفهم
متزعليش بس استنى هنا انا والله مبسوطة انك مرتاحة انا بهزر معاكى مش اكتر ده انت حبيبتى يا مريم
خلاص مفيش حاجة عن أذنك بقى مش عاوزه اتأخر
استدارت لتذهب فوجدت أحد الشباب مقدم في اتجاههما وهو يشير لسلمى من بعيد بالتحية حاولت أن تذهب ولكن سلمى قبضت على يدها مرة أخرى وهي تقول
استنى بس انت وحشانى أوى ولسه مشبعتش منك
أرتبكت مريم ونزعت يدها من يد سلمى وقالت معلش مش دلوقتى عن اذنك
ألتفتت لتذهب مرة أخرى فوجدت الشاب قد اقترب منهما قائلا وهو يبتسم لمريم ازيك يا مريم وحشتينا
قطبت جبينها وهي تقول أيه وحشتينا دى لو سمحت اتكلم معايا باحترام
وتركتهم وذهبت مسرعة بعيدا ألتفت
الشاب إلى سلمى وهو يقول بسخرية دى مالها دى
ما أن خطت مريم خطوات قليلة وكأنها تعدو حتى اصطدمت بيوسف توترت وهي تنظر إليه وهو يقول لها
الواد ده ضايقك
هزت رأسها نفيا فقال لها وهو ينظر إلى سلمى وصديقها شذرا طب يلا كويس انى جيت بدرى
أستقلت معه السيارة وعندما لم تجد فرحة قالت بتوتر فين فرحة
قال بعملية صحابها روحوا بدرى وخدوها في سكتهم
توترت أكثر وشعرت باضطراب في جسدها خفق قلبها بشدة عندما أدار محرك السيارة وهو يقول
كان بيقولك أيه
هو مين
نظر لها نظرة جانبية سريعة وهو يقول الواد اللى ضايقك من شوية
قالت بضيق قلتلك مضايقنيش
أومال انا ليه شفتك بان عليكى ملامح الضيق أول ما شفتيه وسبتيه ومشيتى على طول
نظرت له بدهشة أنت كنت بتراقبنى ولا ايه
ثم أضافت بحنق وبعدين أنا بطلت أقف مع ولاد
نظر أمامه ولم يرد عليها فقالت باستنكار أظاهر انك نسيت نفسك وافتكرت انك جوزى بصحيح
قال بهدوء متبدأيش في استفزازى تانى من فضلك كفاية اللى قولتيه قبل كده
كانت تتمنى أن تستفزه فعلا وأن توجه إليه اللعنات ولكن هذه المرة تختلف كثيرا أنها وحدها معه فمن الأفضل أن تصمت فتحت مصحفها وظلت تقرأ بعينيها في صمت وهو ينظر إليها بين الحين والآخر حتى وصل إلى المنزل وعند البوابة تفاجأ بمرور سيارة والده في طريقه للعبور للداخل لمح والده مريم تجلس بجواره في السيارة تراجع يوسف بسيارته ليفسح المجال أمام أبيه للعبور توقفت السيارتان وهبطت مريم في سرعة وتوجهت إلى سيارة عمها وهو يترجل منها في هدوء وضع يده على كتفها بترحاب قائلا
ازيك يا بنتى كنت فين
كان عندى تدريب في الكلية وكان المفروض ارجع مع فرحة بس هي روحت بدرى مع اصحابها
نظر حسين إلى يوسف الذي يقف أمام والده باحترام شديد ثم نظر مرة أخرى إلى مريم وقال لها
ضايقك
هزت رأسها نفيا وهي تقول لاء
أعاد حسين نظره إلى يوسف قائلا انا كنت هسحب منك العربية كمان بس خلاص خليها أهو تبقى توصلهم
متابعة القراءة