رواية بقلم دعاء عبد الرحمن

موقع أيام نيوز

حقك
كانت تنظر أمامها بذهول وهى تستمع إليه وقالت ببطء
يعنى وليد كمان اتقبض عليه
مط شفتيه وقال بحنق
مع الأسف نفد
منها الشقة طلعت متأجرة باسم سلمى وهى اللى لبست الليلة كلها
أسندت رأسها إلى زجاج النافذة وأخذت تنظر إلى الطريق من خلاله فى حسرة وهى تشعر بالحزن لأجلها نعم هى ظلمتها وساعدت فيما حدث لها ولكن ليس من السهل أبدا أن لا تشعر بالشفقة عليها أغمضت عينيها وهى تستغفر وتهمس بخفوت 
للدرجة دى توصل بيهم لكده
تمتم قائلا وكانه لم يسمعها 
بس مش هيفلت مني برضة
قالت دون أن تفتح عينيها 
سيبه لربنا ربنا هو المنتقم الجبار
كاد أن يتكلم ولكن رنين الهاتف قاطعه نظر سريعا إلى شاشة هاتفه قائلا
ده بابا لو سمحتى ردى يا مريم 
نظرت إليه فقال
معلش نسيت السماعة فى البيت
تناولت الهاتف وأجابته
السلام عليكم أيوا يا عمى لا أحنا لسه فى الطريق أنتوا لسه طالعين دلوقتى لاء أحنا قربنا نوصل اه الحمد لله بخير ماشى يا عمى مع السلامة
وضعت الهاتف مكانة مرة أخرى فقال
هما طلعوا من الفندق
أومأت برأسها قائلة
أيوا عمى بيقولى راح خدهم ومشى على طول وجايين ورانا
أبتسم بحزن قائلا
طبعا هو بيتصل علشان يطمنك انه جاى ورانا ومش هتروحى معايا البيت لوحدك
نظرت له ببرود ولم تجبه فتابع حديثه بسخرية حزينة قائلا
أبويا خاېف عليكى مني
قالت بجفاء
لو سمحت متكلمش فى الموضوع ده تانى
صمتت لثوانى ثم قالت وهى ترفع أحدى حاجبيها بتفكير 
لا ولا اقولك أتكلم
نظر إليها متعجبا فتابعت ببرود وجرأة
أحكيلى عملت فيا أيه بعد ما أغمى عليا يوم الحاډثة
ضغط مكابح السيارة حتى كادت أن ترتطم بزجاجها الأمامى لولا حزام الأمان التى كانت تلفه حولها بمجرد أن توقفت السيارة پعنف حتى استدار إليها فى ڠضب
أنت ليه بتحاولى تستفزينى وتخرجينى من شعورى كل شوية ليه كل ما احس ان ربنا قبل توبتى تفكرينى بذنبى تانى 
ثم عاد لجلسته الأولى وهدأ قليلا ثم انطلق بالسيارة مرة أخرى ظلا فى صمت مطبق إلى أن وصلا إلى المنزل دخل يوسف بالسيارة فى هدوء وهو ينظر يمنة ويسرة و يقول 
هو نور الجراج مطفى ليه
شعرت مريم پخوف يدب فى أوصالها ويقشعر له بدنها وهى تتذكر يوم الحاډثة والظلام الذى كان يحيط بها فقالت فى فزع
مش عارفة
شعر يوسف بها وبصوتها المرتجف خوفا فحاول طمئنتها قائلا
خليكى فى العربية لحد ما انزل اشوف فى أيه
تشبثت بذراعه قائلة
لا متسبنيش لوحدى
فى هذه اللحظة لعڼ يوسف الظلام لعنات طوال فلولاه لكان ينظر الآن لعينيها ليرى هذا الشعور الذى تمنى أن يراه فيهما كثيرا شعورها بالأمان بجواره ربت على يدها بحنان قائلا
مټخافيش 
قالت على الفور 
لاء ارجع بالعربية نستناهم زمانهم جايين
ضغط على يدها برفق وقال
طيب تعالى أدخلك من باب الجنينة اللى قدام وابقى ارجع انا اشوف ايه اللى قاطع النور فى الجراج واركن العربية واحصلك
تشبث به مرة أخرى وهى تقول بتوتر
لا هتسيبنى لوحدى وتروح لوحدك مينفعش
خفق قلبه بشدة للمستها وقال بهدوء
يعنى يرضيكى يرجعوا يلاقونى واقف مستنيهم علشان النور بايظ هيبقى شكلى وحش أوى
أضطربت كثيرا وترددت وهى تقول
خلاص هاجى معاك
كان يتمنى أن تتطول هذه اللحظة أكثر من هذا ولكنه أحب طمئنتها أكثرمن حبه لبقائه معها فقال بخفوت
طيب خلاص اطمنى عموما كلهم طالعين بعربياتهم يعنى الجراج فاضى هنور كشافات العربيه لحد ما اركن وبعدين انزل اشوف سکينة الكهربا
قالت وهى تبتلع ريقها الجاف 
طيب
زحف بالسيارة قليلا داخل الجراج إلى أن وضعها جانبا ثم ترجل من السيارة وماهى إلا ثوان حتى سمعت مريم صيحة مكتومة لا تحمل سوى الألم 
آآآآآآآه
أرتدعت بقوة وهى تصرخ
يوسف
لم تلقى جوابا وهى ترى على ضوء السيارة ظلا يركد خارج الجراج ويعدو نحو الباب الذى يفصل الحديقة الداخلية عن باب المرآب ظلت تصرخ باسمه 
يوسف يوسف رد عليا 
لم تستطع أن تنتظر أكثر من هذا خۏفها عليه غلب فزعها من الظلام ترجلت من السيارة
ببطء شديد وتعلو شهقاتها من شدة البكاء خوفا وفزعا وترقبا وعندما دارت حول السيارة سمعت صوت تأوهاته المكتومة رأته يزحف بجوار السيارة فى اتجاهها وخيل لها أن قميصه قد تلطخ بالډماء أقتربت منه وجلست إلى الأرض بجواره وهى تهتف بلوعة 
يوسف مالك
تمتم بأنفاس متقطعة 
أنت كويسة
حاولت أن تساعده على النهوض ولكنها لم تستطع وفجأة أقتربت أضواء كثيرة فى طريقها للدخول إلى الجراج وقفت تنظر إلى السيارات القادمة فتبين لها انها سيارات أخوتها وعمها فأخرجت كل ما فى صدرها من خوف وفزع كانت تكتمه فى صرخاتها وهى تصيح بهم 
ألحقونا ألحقونا
توقفت السيارات وترجل منها الجميع فى فزع باتجاه الصوت أول من وصلا إليها كان إيهاب وعبد الرحمن صړخت عفاف وهى تسرع باتجاه يوسف المسجى على الأرض مدرج فى دماءه وبجواره مريم تسند رأسه على ركبتيها صاحت بها 
مين عمل فيه كده يا مريم 
أسرع عبد الرحمن بالأتصال بسيارات الأسعاف بين صرخات وشهقات النساء وإيهاب يهتف به
مش هينفع نستنى لما الأسعاف تيجى تعال شيله معايا نوديه أقرب مستشفى
وماهى إلا ثوان وسمع الجميع صوت ارتطام شديد اهتزت له الأرض التى يقفون عليها وكأن المنزل انهار بأكمله أو ضربه زلزال شديد وبعد ساعة كانت سيارات النجدة والأسعاف تحيط بمنزل آل جاسر
وقف الجميع فى الممر المؤدى إلى غرفة العمليات التى يرقد يوسف داخلها أخطلطت مشاعرهم بين الحيرة والتسائل والفزع والخۏف والألم والحزن تحركت إيمان باتجاه عفاف التى كانت تبكى بين ذراعى زوجها وتتمتم بالدعاء وقالت هى تربط على ظهرها
أنت مكانك مش هنا دلوقتى يا طنط تعالى نروح نصلى وندعيله لحد ما الدكتور يخرج يطمنا
نظر حسين إلى إيمان ثم نظر إلى عفاف وقال وهو يجفف دموعه
أسمعى كلامها يا عفاف روحى صلى وادعيله احسن من وقفتك هنا مية مرة ولما الدكتور يخرج هاجى اندهلك على طول
أومأت برأسها وقالت وهى تبتعد عنه وهى تبكى 
أول ما يخرج تعالى على طول
حاضر
ذهب عبد الرحمن إلى والده قائلا
بابا تعالى اقعد شوية انت واقف على رجلك من بدرى
أستند حسين إلى ذراعه قائلا
أرتاح ازاى بس مش لما نطمن على اخوك
قبض عبد الرحمن قبضته فى ڠضب وعينيه تحدق بالفراغ قائلا
أنا غلطان اللى سمعت كلام ماما وإيمان وسيبته كان المفروض اعلمه الأدب وادى النتيجة يضرب اخويا پسكينة فى الضلمة الجبان
شد حسين على ذراعه وقال
أمسك نفسك يا عبد الرحمن أهو ربنا اداله جزاءه فى ساعتها
ثم انتبه متسائلا
عمك لسه ما اتصلش
حرك عبد الرحمن نفيا قائلا
آخر مره كلمنى كان من ساعة ولسه واقفين قدام العمليات ربنا ياخده ونرتاح من شره
قال حسين على الفور بضعف
متدعيش عليه يا عبد الرحمن ده عمك ممكن يروح فيها روح يالا شوف اختك جوزها مش عارف يسكتها 
وقبل أن يذهب عبد الرحمن ألتفت إليه قائلا بانتباه
فين مريم
تلفت
حسين حوله وقال 
كانت هنا من شوية روح انت حاول تهدى اختك وانا هادور عليها
كانت تجلس على الأرض بجوار غرفة العمليات وهى ضامة ساقيها إلى صدرها وتستند رأسها إلى الحائط للخلف وقلبها ېتمزق لوعة عليه تسكب دمعها وهى تتمتم بتضرع إلى الله سبحانه وتعالى فى خفوت
يارب نجيه يارب انا مسمحاه على أى حاجة يارب نجيه يارب يارب علشان خاطرى
أقترب حسين منها ووضع يده على كتفها قائلا 
قومى يا مريم قومى يابنتى 
رفعت راسها إليه وهى تقول پبكاء متقطع
يوسف يا عمى يوسف هيضيع
أنهمرت دمعة كانت حبيسة عينيه وأطلقتها كلمات مريم أمسك كتفيها وساعدها على النهوض واقفة ضمھا إليه وهو يمسح على رأسها بوهن
أدعيله يابنتى أدعيله ربنا ينجيه
قالت وهى تسكب العبرات فى صدره 
والله العظيم بدعيله من كل قلبى
رفع رأسها إليه ونظر إليها بضعف ورجاء قائلا
سامحيه يا مريم سامحيه علشان ربنا يسامحه
قالت فى خفوت
أسامحه على أيه يا عمى يوسف معمليش حاجة
قال فى أسى
انا قصدى على الحاډثة يابنتى 
ثم تركها واستند إلى الجدار بكفه وأطرق برأسه بحزن قائلا
أنا عارف ان اللى عمله صعب تسامحيه عليه وعارف انك عمرك ما هتنسى أبدا لكن ده دلوقتى بين إيدين ربنا ومحدش عارف هايطلع منها ولا لاء
تقدمت منه ووضعت كفها على كتفه قائلة
أرفع راسك يا عمى متعملش كده فى نفسك مفيش حاډثة من الأساس يا عمى يوسف ملمسنيش
الفصل الأخير
ألتف الجميع حول فراش يوسف فى غرفته بداخل المشفى وهم يستمعون إلى الطبيب الذى يتكلم بابتسامة مطمئنة
الحمد لله الچرح مكنش عميق بدرجة خطېرة مش محتاجين العناية المركزة
فتح يوسف عينيه بضعف كانت الصورة مشوشة أمامه غير واضحة المعالم بعد وبعد دقائق استطاع الكلام بوهن فقال وكأنه يهزى
مريم أنت هنا
أقتربت منه وربتت على كفه بهدوء قائلة بخفوت
حمد لله على السلامة
حاول أن يستوضح ملامحها بصعوبة وأعاد سؤاله مرة أخرى
حصلك حاجة
قالت بصوت مبحوح
الحمد لله انا كويسة المهم انت
أبتسم بضعف وهو يغمض عينيه پألم فأقبلت والدته فى لهفة وهى تقبل رأسه وتقول 
ألف حمد لله على سلامتك يابنى أنا مش عارفة ده كان مستخبلنا فين
بدأت الصورة تتضح أمام عينيه وهو ينظر لوالدته وقال بضعف يحاول أن يداعبها
كان مستخبلنا فى الجراج
قالت فرحة التى تجلس عند قدمه على طرف الفراش
انت فيك حيل تهزر يا أخى موتنا من الخۏف عليك
تابع عبد الرحمن قائلا
ياستى سبيه يهزر الحمد لله انه كويس
بحث يوسف عن وجه أبيه بين الوجوه الدامعة 
فوجده مصوبا بصره إليه بلهفة وابتسامة حزينة تعلقت أنظارهما ببعضهما البعض شعر يوسف أنه أحب تلك الطعڼة لما رآه أخيرا من عطف أبيه الذى كان يفتقده فلقد كانت لها الفضل عليه أن يسترجع نظرة حنان فى عينيى أبيه كان ينظرإلى عينيه ينتظر كلماته الحنونة لم يبخل عليه والده ولم يجعله ينتظر قليلا فقال
حمد لله على سلامتك يابنى
تنهد يوسف بارتياح وقال وهوينظر إليه بحب
الله يسلمك يا بابا
قبض على كف مريم بوهن وهو يوجه حديثه لعبد الرحمن
وليد هو اللى عمل كده صح
قالت فرحة على الفور
والحمد لله ربنا انتقملك منه فى ساعتها والأسانسير وقع بيه
أتسعت عيناه بذهول وقال بدهشة كبيرة
أيه أسانسير أيه وحصله أيه!
أجابه عبد الرحمن بهدوء
أسانسير البيت عندنا يا يوسف
تدخل إيهاب قائلا
نفسى أعرف كان طالع البيت يعمل ايه اللى يعمل عملته دى كان المفروض يهرب طالما محدش شافه ايه اللى خلاه يطلع البيت مش عارف
قالت ايمان بثقة
أكيد ربنا ليه حكمة فكده
تنهدت عفاف وهى تقول
ونعم بالله يابنتى
اكتسى وجه يوسف حزنا وهو يتسائل
وحصله ايه لما الاسانسير وقع بيه
قال عبد الرحمن
الأسعاف نقلته المستشفى بعد ما عرفوا يفتحوا باب الاسانسير بصعوبة لكن انا مش عارف ده حصل ازاى أحنا لسه كنا عاملين صيانة وكانت حالة الأسانسير ممتازة ازاى يقع فجأة كده
وجه له والده الحديث قائلا
أتصلت بالشركة بتاعة المصاعد 
أومأ عبد الرحمن برأسه قائلا 
أتصلت بعد ما يوسف خرج على طول وأصلا كده المفروض النيابة هتبدأ تحقيق فى الموضوع وكانوا مستنين يوسف لما يفوق علشان
تم نسخ الرابط