قصه مشوقه
أن يكون ما أخبرها به مجرد أكذوبة حمقاء افتعلها ليثير غيرتها لا أكثر!
لم يصدر عنها أي صوت وهي تفتح باب البيت بحرص شديد لتلج إلى الداخل كان البهو شبه معتم خاڤت الإضاءة أرهفت السمع لا ضوضاء قليل من الاطمئنان تسرب إليها وراحت تخبر نفسها في استهجان
أكيد قاصد يعمل كده عشان يضايقني.
تقدمت بتؤدة واتجهت إلى غرفة نومها كان الباب مغلقا فانقبض قلبها بقوة وتوجست خيفة من وقوع الأسوأ تسللت ماشية حتى أصبحت أمام الكتلة الخشبية التي تخفي خلفها ما يدور بالداخل ألصقت أذنها بها وركزت كامل حواسها انتفضت في هلع حينما اخترق أذنها هذه التأويهة الأنثوية المكتومة أحست بشعور مماثل لطعڼة غدر تنفذ في صدرها ارتجفت يدها وهي تمسك بالمقبض لتديره استجمعت شتات نفسها المتبعثرة وفتحته لتتفاجأ بمشهد جعل عيناها تتسعان على آخرهما المربية التي من المفترض أن ترعى رضيعها وتنام بجواره متواجدة هنا في غرفتها بلا ثياب تقريبا وتطارح زوجها الغرام على فراشها وأثر العشق الآثم يبدو جليا عليهما.
إيه اللي أنا شايفاه ده
لم يبد مهاب متفاجئا من ظهورها بل كان هادئا مسترخيا ومستمتعا بما يجري على عكسه ذعرت المربية من حضورها ونهضت عن الفراش باحثة في التو عما تستر به ما انكشف منها. اندفعت تهاني للأمام تجاهها وواصلت صياحها المستهجن
أمسكت بها من شعرها وجذبتها منه في شراسة لتقوم بلكزها في كتفها وفي أي موضع تطاله بقبضتها الأخرى. توقعت أن يتحرك زوجها من موضعه يفض تشابكهما يحاول الاعتذار أو إبداء الندم لكنه لم يقم بشيء ظل يطالعهما من موضعه باستمتاع. حز في قلبها استهانته بخيانتها وتعامله مع الموقف المشين بهذا الكم الهائل من الهدوء والبرود أعاد مهاب ضبط ثيابه التحتية وأمر المريبة باللغة الإنجليزية
رفضت تهاني تركها وصړخت في عصبية جمة
مش هتمشي قبل ما أفضحها.
نظرت المربية بتوتر قلق إليه وهمست في صوت مرتعش كأنما تستجديه لينقذها من هذه الڤضيحة الوشيكة
سيدي.
خاطب المربية بنفس اللهجة الهادئة وهو ينهض من مكانه
لا تكترثي بها ارحلي.
حينئذ حولت ناظريها عنه واستخدمت قدرا من القوة لتدفع زوجته وتتحرر منها ثم ركضت هاربة من الغرفة وهي تحاول تغطي ما ظهر من مفاتنها. كانت تهاني على وشك اللحاق بها لكن مهاب منعها بالإمساك بها من رسغها أصابها اشمئزاز نفضت يدها وأكملت صړاخها بنبرة جريحة
اشتدت قبضته عليها واخشوشن صوته قليلا حين حذرها
ماتنسيش نفسك.
تطلعها إليه من هذا القرب وبعد ما شهدته جعلها تدرك مدى قبحه
وبذاءته اللا متناهية حاولت الدفاع عن كرامة سحقت بقولها
أنا عارفة إنك پتخوني وتعرف عليا كتير بس اللي عمره ما يجي في بالي إنك تعمل ده هنا!
حدجته بهذه النظرة الاحتقارية النافرة وهي تزيد من هجومها اللفظي عليه
كان دنيئا معها في رده المستفز
أنا أعمل اللي عاوزه في الوقت اللي يعجبني...
ثم دفعها بخشونة تجاه باب الغرفة وهو يكمل بقسۏة
ولو مش عاجبك الباب مفتوح!
كادت تطرح على وجهها من أثر الدفعة العڼيفة لكنها حافظت على اتزانها والتفتت ناحيته تصرخ في حړقة ودموعها تنسال بغزارة
پتخوني هنا وعلى سريري!
مرر يده أعلى رأسه وقال متباهيا بما ارتبك ليزيد من تحطيمها ذاتيا
لم تجد ما ترد به عليه وإن وجدت حتى لن تستطيع النطق بشيء فأمثاله من الحقراء لا يستحقون سوى المۏت. ابتسم مهاب في انتشاء لإخضاعها بغير مجهود تقدم ناحيتها على مهل ليخاطبها بعدها
أيوه خليكي كده حلوة.
سددت له نظرة ڼارية قاټلة لتوليه ظهرها تأهبا لمغادرتها تسمرت قدماها قبل أن تخطو حين سألها
رايحة فين
أبقت على نظراتها المقهورة بعيدا عن وجهه وأجابت بإيجاز
لابني.
ارتعش ظهرها وأحست بوخزات حادة تتفشى فيه عندما شعرت بيده توضع عليه دار حولها لينظر عليها قائلا بخبث
هو نايم تعالي كملي اللي بوظتيه.
كم كانت حمقاء وهي تظن أنها قادرة على تحمل هذا الچحيم المملوء بكل صنوف الإهانة والإذلال! وهو حقا لا يكل ولا يكف عن تدميرها ونظرت إليه پذعر كرر عليها سؤاله فأجابته بصوت متقطع
أنا .. بس .. عاوزة أغير هدومي الأول.
دفعها معه للداخل وهو يقول باسما بشيطانية
أنا عاوزك كده وهنا .. في الحتة دي.
يتبع الفصل العشرين
الفصل العشرون
وضاع العمر هباء
جلست على طرف الفراش حينما انتهت من ارتداء قميصها المنزلي شدته للأسفل لتضبطه شعرها الذي ما زال رطبا
من استحمامها. حانت من فردوس نظرة جانبية نحو زوجها المستلقي على الجانب الآخر من السرير ويوليها ظهره مستغرقا في نومه. لم يكن ما يجمعهما معا هو الحب إنما الظروف العصيبة التي فرضت على كليهما ورغم مضي ما يزيد عن
حادثت نفسها في سقم وتكشيرة كبيرة تجتاح وجهها
خليك كده نايم يا عوض ده اللي بقيت باخده منك تيجي تنام وطول الوقت برا!
حتى حلمها بالحمل والإنجاب كان متعذرا فكيف يحدث ذلك
تركت خواطرها المؤرقات جانبا ونهضت بتكاسل عن الفراش ثم سارت بخطوات خفيفة حذرة نحو باب الغرفة ألقت نظرة أخيرة على زوجها قبل أن تخرج من الحجرة لتوارب الباب خلفها. واصلت مشيها الحثيث تجاه الغرفة الصغرى الماكثة بها والدتها كانت الأخيرة تنام على جنبها لا تتحرك فمنذ الأخبار المشؤومة التي تلقتها بشأن فصل ابنتها البكرية من عملها وانقطاع كامل أخبارها عنها أصابها الإعياء والمړض. زهدت الحياة وأصبحت متعلقة بأمل واحد فقط ربما لن يتحقق لكنها تشبثت به ألا وهو رؤية الابنة الغائبة!
وحفر آثاره عليه حز في قلبها رؤيتها تنزوي يوما بعد يوم بسبب أوهامها الواهية حتى الكلام انقطعت عنه وبات من النادر سماع صوتها. مرة ثانية زفرت فردوس الهواء الثقيل من رئتيها قبل أن تتقدم تجاهها لتتفقدها انحنت عليها لتقبلها من رأسها ابتسمت لرؤيتها يقظة وخاطبتها في صوت خفيض
عاملة إيه النهاردة يامه
ابتسمت عقيلة بسمة باهتة فارتضت بها ابنتها ثم مسحت بيدها على وجنتها في رفق وأكملت سؤالها لها وهي تسحب الغطاء عليها لتغطيها
محتاجة حاجة أجيبهالك
هزت عقيلة رأسها بالنفي فربتت على كتفها في مودة قبل أن تستقيم واقفة لتنظر پصدمة مذهولة إلى صينية الطعام المتروكة على الطاولة الملاصقة لفراشها القديم استنكرت عزوفها عن تناوله وصاحت في ضيق
الله! ده الأكل زي ما هو من ليلة إمبارح!!
مجددا نظرت إلى والدتها تستعتبها بقولها
طب ليه كده بس
اغتاظت من تصرفها الضار بصحتها وقامت بتأنيبها لفظيا في حدة
وربنا حرام اللي بتعمليه في نفسك!
ليه ټعذبي روحك بالشكل ده
ذرفت عقيلة العبرات الساخنة فكزت فردوس على أسنانها محتجة على ما تقوم به فابنتها لا تستحق ذلك التعاطف وهي الأكثر جحودا على الإطلاق. جلست على طرف الفراش ملاصقة لها قبل أن تهتف في صيحة استهجان
فكرك يعني هي هتحس بيكي وترجع لما ما ترضيش تاكلي وټعيطي عليها
ثم ضړبت بكفيها معا وهي تضيف
هي خلاص يامه .. شافت حياتها ونسيتنا.
ابتلعت فردوس غصة مريرة واستمرت تقول
طول عمرها كده متمردة على حياتنا مش عجباها...
ومين يرضى بعيشة الفقر والغلب!!
رمقتها بنظرة مقهورة قبل أن ترجوها بيأس
نفسي تحسي بيا وتقدري اللي بعمله عشانك.
بكت فردوس هي الأخرى تأثرا بما جال في نفسها خلال هذه اللحظات الحساسة وراحت تدمدم
خمس سنين يامه بعمل كل حاجة عشان ترجعي زي الأول.
مسحت بظهر كفها ما انسال على وجهها من دمع وأكملت بنفس الشجن
لا اشتكيت من فقر ولا فتحت بؤي بكلمة نفسي تكلمي تاني..
توسلتها باستعطاف يفطر نياط القلوب
يامه .. إنتي آخر حد فاضلي في الدنيا من بعد ما خالتي ماټت مش عايزة أخسرك إنتي كمان عشان خاطري كفاية زعل وحزن على ناس ما تستاهلش!
نهضت بعدئذ من على الفراش وحملت الصينية ثم قدمتها لها قائلة
كلي حاجة وريحيني.
نبذت عقيلة الصينية بيدها وأبعدتها عنها ليتضاعف الحنق في نفس ابنتها. بالكاد تمالكت أعصابها وهسهست
لا حول ولا قوة إلا بالله طب أعمل إيه بس عشان ترضي
ما كان من والدتها إلا أن
أولتها ظهرها وتجاهلتها ليملأ روحها المزيد من الحقد والغيظ تحركت فردوس مغادرة الغرفة وهي تقول في حړقة
منك لله يا تهاني هتجيبي أجل أمك حتى وإنتي بعيدة!
لم تنجح كتلة مساحيق التجميل التي لطخت بها تقاطيع وجهها في إخفاء الحزن العميق والراسخ فيها حتى عيناها كانتا مكسوتان بحمرة ملتهبة جراء بكائها الذي لا ينقطع. بدت تهاني وهي جالسة في المطعم بصحبة ممدوح واجمة للغاية شاردة في أغلب الأحيان انتظرت اللحظة التي ترك لها العنان لتفرغ مكنونات صدرها فانطلقت في شكواها كعادتها خلال لقائها المنتظم به حينما يغادر زوجها البلاد ويذهب لواحد من مؤتمراته الطبية الهامة ويغيب لعدة أيام.
خلاص مابقتش قادرة.
نظر لها بتعاطف ماكر ومد يده ليمسك بكفها المفرود على سطح الطاولة لم تمانع مسكته واستمرت في استرسالها
أنا بمۏت في اليوم ألف مرة وهو ولا فارق معاه بيعمل كل حاجة مقرفة عشان يقهرني.
شعر بتشنج أصابعها على كفه وهي تضيف بصعوبة
خېانة وشرب وحاجات ماتخطرش على البال.
فاضت الدموع من عينيها ولم تكترث برؤية من حولها لها وهي تبكي تطلعت إليه بعجز قبل أن ترد في شرود مغلف بالندم الكامل
يا ريتني قولت لأ من الأول يا ريتني.
بيده الأخرى احتضن ممدوح نفس كفها بث إليها الدفء وتوسلها بنبرته الحنون المدسوس بها سم الأفعى
اهدي يا تهاني ماينفعش اللي بتعمليه ده الناس هتاخد بالها.
ردت عليه بمرارة
يا ريت حد ياخد باله على الأقل كنت اترحمت.
شعرت بيده تشتد على راحتها ورأت نظراته تحتويها ليخبرها مؤكدا بلؤم
أنا هنا .. موجود جمبك.
سكتت بعدها للحظات قبل أن تسحب يدها معتذرة منه
أنا أسفة يا ممدوح شغلتك معايا زي تملي بس ماليش غيرك هنا.
تخليها عن الألقاب الرسمية بينهما جاء بعد توطيد صداقتهما السرية والتي دامت لفترة ممتدة
متقوليش كده بجد هزعل لو إنتي بس تسمحيلي آ...
كانت تعرف ما يريد قوله قبل أن ينطق به التدخل لإنهاء هذه الزيجة بأقل الخسائر مثلما كان يخبرها فقاطعته في التو
أرجوك أنا مش عاوزاه يعرف إني وصلت للحالة دي ما هيصدق يزيد أكثر كفاية إني لاقية حد بفضفض معاه بدل ما أتخنق وأموت.
عاتبها بنظرته الرقيقة وهو يفوه بجزع
بعد الشړ خسارة الجمال ده يتدمر كده.
استخدمت تهاني منديلها القماشي لتمسح بخفة ما بلل وجنتيها وقالت بعد أخذها لنفس عميق
أنا مستحملة ده كله عشان ابني بس مسيره يكبر ويعرف أنا عملت إيه عشانه.
تصنع الابتسام حين علق
أكيد طبعا...
مجددا تجرأ واحتضن يدها ليوصيها باهتمام زائد
المهم عندي دلوقتي تهدي وتريحي أعصابك.
بادلته الابتسام الخاڤت وهي تقول بعد تنهيدة بطيئة تاركة إياه يداعب أصابعها
هحاول.
فرغت لتوها من توزيع ما قامت