\ولد ضائع في السوق حلقة 1
كان يا مكان في سالف العصر والأوان رجل فقير كثير العيال يعيش في كوخ صغير وكان يخرج كل يوم للغابة لينصب شبكته ويصيد الطرائد من أرانب برية أو حمام ثم ينزل السوق ويبيعها مقابل بضعة دراهم يشتري بها طعاما لامرأته وصبيانه وكلما ينهض في الصباح كانت المرأة ترفع يديها إلى السماء وتدعوا الله أن يرزق زوجها وتردد الدعاء حتى تسيل دموعها على وجهها الذي كساه الفقر بالتجاعيد رغم جمالها الباهر وصغر سنها أما الرجل فكان يقول لها إسمعي عوضا عن الدعاء اذهبي لجمع البيض من أعشاش السمانى والحجل لكي أبيعه لكنها ترد عليه سينتهي جمال الغابة يا إبراهيم إن جردناها من الأشجار والطيور والحيوانات الصغيرة .وفي أحد الأيام بعد أن باع الصياد بضاعته وهم بالرجوع لداره رأى ولدا ضائعا في السوق يلبس ثوبا قديما يبكي فانتظر قربه لعل أحدا يأتي ويأخذه لكن انتصف النهار ولم يسأل عليه أحد فأخذته الشفقة عليه وقال أحمله عندي اليوم أربح فيه ثواباوغدا أرجع به إلى السوق وأرى ما يكون من أمره .وإن شاء الله يكون خيرا .
ولما شاهدت امرأته الغلام البهي الطلعة قالت لزوجها لا شك أن ذلك الولد يتيم أتركه يعيش معنا ورزقه على الله !!! فأجابها ألا يكفي ما نحن فيه من فقر يا امرأة لنزيد هذا الولد لعيالنا !!!وفي الغد حمله معه إلى السوق وهو يتذمر منه وكالعادة لم يسأل عنه أحد والعجيب أن الناس إعتقدوا بأنه ولده وسرعان ما أحبوه وصار كل واحد منهم يعطيه شيئا واحد رغيفا والآخر ثمرة والثالث كعكة إلى أن جمع الولد قفة بالخيرات دون أن يتحرك من مكانه ولما رجع الصياد لداره جاء الصبيان يجرون فنبشوا القفة وأخذ كل واحد ما راق له من ثمار أو حلوى أو مربى وتعجبت المرأة فلقد وجدت في القفة قرطاس شاي فأشعلت الكانون وطبخت برادا شاي بالنعناع وشرع الصياد يترشف فنجانه وهو ينظر لذلك الغلام باستغراب فلقد كان أشبه بالروم منه للعرب ثم سأله عن اسمه أجابه من إسمي يجيئ الفأل الحسن والسعادة والاكتفاء والرخاء حك الصياد ذقنه وقال له لا توجع رأسي من اليوم إسمك سعد !!! أومأ له الغلام برأسه ثم تحلق مع بقية العيال حول القفة وبدأ يأكل معهم ولم يمض النهار حتى صار واحدا منهم ونادته البنية الصغيرة نوسه كما تنادي إخوتها وتقول له يا أخي صمت الصياد ورضي أن يتركه معهم بعدما رأى سعادته عائلته ذلك اليوم فلأول مرة يأكلون شيئا غير خبز الشعير والخضار المطبوخة دون لحم ويرى الفرحة على وجه صغاره كأنهم في عيد .
ومنذ أن جاء ذلك الصبي عنده زاد الخير وأحد الأيام لما إختلى الرجل بإمرأته قال لها هناك شي يقلقني فلقد صار سعد يدور في السوق ويرجع لي بصرة دراهم ولما أسأله من أين يأتي بها يخبرني أنها رزق من الله !!! قالت المرأة لو سرق شيئا لجرى ورائه أصحابه كف عن التفكيريا إبراهيم فلقد جازاني الله على دعائي كل يوم وكان سعد كلما يرى تاجرا غنيا يقف أمامه ثم يمد إليه يده ويقول حق الله يا رجل !!! ودون أن يشعر ذلك التاجر يعطيه ما تيسر من الدراهم ولما حاول بعض الصبية تقليده أطردهم التجار ولم يعطوهم شيئا أحد الأيام كان سعد يرافق أباه للصيد وفجأة رأى حدأة سوداء قد إنكسر جناحها